فصل: تفسير الآية رقم (48):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (48):

{قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)}
{قِيلَ يانوح نُوحٌ اهبط} إلخ وهو من الحسن كان، وبنى الفعل لما لم يسم فاعله لظهور أن القائل هو الله تعالى، وقيل: القائل الملائكة عليهم السلام والهبوط النزول قيل: أي أنزل من الفلك، وقيل: من الجبل إلى الأرض وذلك أنه روي أن السفينة استوت على الجودى في عاشر ذي الحجة فأقام بمن معه هناك شهرًا، ثم قليل له: اهبط فهبط بأرض الموصل وبنى قرب الجبل قرية يقال لها: قرية الثمانين عدد من في السفينة، وفي رواية عن ابن عباس أنه بنى كل منهم بيتًا فسميت سوق الثمانين.
وأخرج ابن مردويه عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لما استقرت السفينة على الجودي لبث نوح عليه السلام ما شاء الله تعالى، ثم إنه أذن له بالهبوط فهبط على الجبل فدعا الغراب فقال: ائتني بخبر الأرض، فانحدر إلى الأرض وفيها الغرقى من قوم نوح فوقع على جيفة منهم فأبطأ عليه فلعنه، ودعا الحمامة فوقفت على كفه فقال: اهبطي فأتني بخبر الأرض فانحدرت فلم تلبث قليلًا حتى جاءت تنفض ريشها نقارها فقالت: اهبط فقد أنبتت الأرض فقال نوح: بارك الله تعالى فيك وفي بيت يأويك وحببك إلى الناس ولولا أن يغلبك الناس على نفسك لدعوت الله سبحانه أن يجعل رأسك من الذهب، والظاهر عندي أن الهبوط من الجودي الذي استقرت عليه السفينة إلى الأرض، وليس في الكلام ما يستدعي أن يكون بعد الاستقرار بلا مهلة ليقال: إن ما تحت الجبل مغمور إذ ذاك بالماء، والتعبير بالهبوط على هذا في غاية الظهور، ولعل ذلك على أن يكون المراد من السفينة لمكان الركوب، وخبر الحمامة. والغراب قد طار في الآفاق وأولع به القصاصون، والله تعالى أعلم بصحته، وغالب الظن أنه لم يصح، وكذا اشتهر خبر قرية الثمانين في أرض الموصل وأنها لما ضاقت عليهم تحولوا إلى باب فبنوها.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار أنه قال: أول حائط وضع على وجه الأرض بعد الطوفان حائط حران ودمشق ثم بابل. وقرئ {اهبط} بضم الباء {بسلام} أي ملتبسًا بسلامة مما تكره كائنة {مِنَّا} أي من جهتنا، ويجوز أن يكون السلام عنى التسليم والتحية أي مسلمًا عليك من جهتنا {وبركات عَلَيْكَ} أي خيرات نامية في نسلك وما يقوم به معاشك ومعاشهم من أنواع الأرزاق، أو مباركًا عليك أي مدعوًا لك بالبركة بأن يقال: بارك الله تعالى فيك وهو مناسب لكون السلام عنى التسليم فيكون كقوله: السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وأصل البرك كما قال الراغب صدر البعير يقال: برك البعير إذا ألقى بركه، واعتبر فيه اللزوم ولذا سمي محتبس الماء بركة، والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء سمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة.
ولما كان الخير الإلهي يصدر على وجه لا يحس ولا يحصى قيل لكل ما يشاهد فيه زيادة غير محسوسة: هو مبارك وفيه بركة، ولما في ذلك من الإشعار باللزوم وكونه غير محسوس اختص تبارك بالاستعمال في الله تبارك وتعالى كما قيل، وفي الكشف كل شيء ثبت وأقام فقد برك وأخذ بروك البعير منه، ثم البرك عنى الصدر من الثاني لأنه آلة بروكه أظهر، وحكى عبد العزيز بن يحيى عن الكسائي أنه قرأ وبركة بالتوحيد، وفي الآية على القراءتين صنعة الاحتباك لأنه حذف من الثاني ما ذكر في الأول، وذكر فبه ما حذف من الأول، والتقدير سلام منا عليك وبركات، أو وبركة منا عليك، وهذا منه تعالى إعلام وبشارة بقبول توبته عليه السلام وخلاصة من الخسران مع الإشارة إلى عود الأرض إلى حالها من الإنبات وغيره {وعلى أُمَمٍ} ناشئة {مّمَّن مَّعَكَ} متشعبة منهم فمن ابتدائية، والمراد الأمم المؤمنة المتناسلة ممن معه إلى يوم القيامة، والمراد ممن معه أولاده من إطلاق العام وإرادة الخاص بناءًا على ما قيل: إنه لم يعقب غيرهم، فالناس كلهم على هذا من نسل نوح عليه السلام؛ ومن هنا سمي عليه السلام آدم الثاني. وآدم الأصغر، واستدل لذلك بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات: 77] وقد يقال ببقاء من على عمومه بناءًا على ما عليه أكثر المفسرين من عدم اختصاص النسل بأولاده عليه السلام بل لمن معه نسل باق أيضًا، والكلام في استدلال الأولين سيأتي إن شاء الله تعالى، وقوله سبحانه: {وَأُمَمٌ} بالرفع وهو على ما ذهب إليه الزمخشري مبتدأ، وجملة قوله تعالى: {سَنُمَتّعُهُمْ} صفته، والخبر محذوف أي ومنهم أمم، وساغ ذلك لدلالة ما سبق عليه فإن إيراد الأمم المبارك عليهم المتشعبة منهم نكرة يدل على أن بعض من يتشعب منهم ليسوا على صفتهم، والمعنى ليس جميع من يتشعب منهم مشاركًا له في السلام والبركات بل منهم أمم يمتعون في الدنيا {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ} فيها أو في الآخرة أو فيهما {مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} وجوز أبو حيان أن يكون {أُمَمٌ} مبتدأ محذوف الصفة وهي المسوغة للابتداء بالنكرة، والتقدير وأمم منهم، وجملة {سَنُمَتّعُهُمْ} هو الخبر كما قالوا: السمن منوان بدرهم، وأن يكون مبتدأ ولا يقدر له صفة والخبر أيضًا {سَنُمَتّعُهُمْ} ومسوغ الابتداء كون المكان مكان تفصيل فكان مثل قول الشاعر:
إذا ما بكى من خلفها انحرفت له ** بشق وشق عندنا لم يحول

وقول القرطبي: إنه ارتفع {أُمَمٌ} على معنى ويكون أمم إن أراد به تفسير معنى فحسن وإن أراد الإعراب فليس بجيد لأن هذا ليس من مواضع إضمار يكون، وقال الأخفش: هذا كما تقول: كلمت زيدًا.
وعمرو جالس يحتمل أن يكون من باب العطف، ويحتمل أن يكون الواو للحال وتكون الجملة هنا حالًا مقدرة لأن وقت الأمر بالهبوط لم تكن تلك الأمم موجودة.
وقال أبو البقاء: إن {أُمَمٌ} معطوف على الضمير في {اهبط} والتقدير اهبط أنت وأمم وكان الفصل بينهما مغنيًا عن التأكيد، و{سَنُمَتّعُهُمْ} نعت لأمم، وفيه إن الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة كلهم مؤمنون لقوله تعالى: {وَمَنْ ءامَنَ} [هود: 40] ولم يكونوا قسمين كفارًا ومؤمنين ليؤمر الكفار بالهبوط معه اللهم إلا أن يلتزم أن من أولئك المؤمنين من علم الله سبحانه أنه يكفر بعد الهبوط فأخبر عنهم بالحالة التي يؤولون إليها وفيه بعد.
وجوز أن تكون من في {مّمَّن مَّعَكَ} بيانية أي وعلى أمم هم الذين معك، وسموا أممًا لأنهم أمم متحزبة وجماعات متفرقة أو لأن جميع الأمم إنما تشعبت منهم فهم أمم مجازًا فحينئذٍ يكون المراد بالأمم المشار إليهم في قوله سبحانه: {وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ} بعض الأمم المتشعبة منهم وهي الأمم الكافرة المتناسلة منهم إلى يوم القيامة.
وفي الكشاف إن الوجه هو الأول قيل: ليقابل قوله تعالى: {وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ} ولأنه أشمل ولأن من الابتدائية لاسيما في المنكر أكثر وللنكتة في إدخال الناشئين في المسلم عليهم، وقطع الممتعين عنهم من الدلالة على ما صرح به في قوله سبحانه: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح} [هود: 46] ولهذه النكتة حذف منهم في الثاني، واكتفى بسلام نوح عليه السلام عن سلام مؤمني قومه لأن النبي زعيم أمته وكفاهم هذا التعظيم والاتحاد معه عليه السلام، فلا يرد أن الحمل على البيانية أرجح لئلا يلزم أن لا يكون مسلمًا عليهم على أن لفظ الأمم في الإطلاق على من معه بأحد الاعتبارين لا فخامة فيه لأن تسمية الجماعة القليلة بالأمة لا يناسب فكيف بالأمم، ولا مبالغة في هذا المقام فيه فلا يعدل عن الحقيقة، وإن جعل من باب {إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120] لم يلائم تفخيم نوح عليه السلام، وقد ذكر أنه يبقى على البيانية أمر الأمم المؤمنة الناشئة من الذين معه عليه السلام مبهمًا غير متعرض له ولا مدلول عليه إلا أن يقال: حيث كان المراد بمن معك المؤمنين يعلم أن المشاركين لهم في وصف الإيمان مثلهم فيما تقدم، نعم قيل: إن في دلالة المذكور على الخبر المحذوف على ذلك الوجه خفاءًا لأن من المذكورة بيانية، والمحذوفة تبعيضية. أو ابتدائية، ورا يجاب عنه أيضًا بإلزام أن لا حذف أصلًا كما هو أحد الأوجه التي ذكرناها آنفًا فتدبر جميع ما ذكر.
والمأثور عدم تخصيص الأمم في الموضعين ؤمنين معينين وكافرين كذلك، فقد أخرج ابن جرير. وابن المنذر. وغيرهما عن محمد القرظي قال: دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ودخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة، وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أنه قال في الآية ما زال الله تعالى يأخذ لنا بسهمنا وحظنا ويذكرنا من حيث لا نذكر أنفسنا كلما هلكت أمة خلقنا في أصلاب من ينجو بلطفه حتى جعلنا في خير أمة أخرجت للناس، وقيل: المراد بالأمم الممتعة قوم هود. وصالح. ولوط. وشعيب عليهم السلام، وبالعذاب ما نزل بهم، وبالغ بعضهم في عموم الأمم في الأول فجعلها شاملة لسائر الحيوانات التي كانت معه عليه السلام فإن الله تعالى جعل فيها البركة وليس بشيء كما لا يخفى، وههنا لطيفة وهي أنه قد تكرر في هذه الآية حرف واحد مرات مع غاية الخفة ولم تتكرر الراء مثله في قوله:
وقبر حرب بمكان قفر ** وليس قرب قبر حرب قبر

ومع ما ترى فيه من غاية الثقل وعسر النطق، ولله تعالى شأن التنزيل ما أكثر لطائفه.

.تفسير الآية رقم (49):

{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)}
{تِلْكَ} إشارة إلى قصة نوح عليه السلام وهي لتقضيها في حكم البعيد، ويحتمل أنه أشير بأداة البعد إلى بعد منزلتها، وقيل: إن الإشارة إلى آيات القرآن وليس بذاك؛ وهي في محل الرفع على الابتداء، وقوله سبحانه: {مِنْ أَنبَاء الغيب} أي بعض أخباره التي لها شأن وكونها بعض ذلك باعتبار أنها على التفصيل لم تبق لطول العهد معلومة لغيره تعالى حتى إن المجوس على ما قيل: ينكرونها رأسًا، وقيل: إن كونها من الغيب لغير أهل الكتاب، وقد ذكر غير واحد أن الغيب قسمان: ما لا يتعلق به علم مخلوق أصلًا وهو الغيب المطلق، وما لا يتعلق به علم مخلوق معين وهو الغيب المضاف بالنسبة إلى ذلك المخلوق، وهو مراد الفقهاء في تكفير الحاكم على الغيب، وقوله سبحانه: {نُوحِيهَا} خبر ثان لتلك والضمير لها أي موحاة {إِلَيْكَ} أو هو الخبر، و{مِنْ أَنْبَاء} متعلق به، وفائدة تقديمه نفى أن يكون علم ذلك بكهانة أو تعلم من الغير، والتعبير بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية، أو {مِنْ أَنْبَاء} هو الخبر، وهذا في موضع الحال من {أَنْبَاء} والمقصود من ذكر كونها موحاة إلجاء قومه صلى الله عليه وسلم للتصديق بنبوته عليه الصلاة والسلام وتحذيرهم مما نزل بالمكذبين، وقوله تعالى: {مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ} خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك {مّن قَبْلِ هذا} أي الإيحاء إليك المعلوم مما مر، وقيل: أي الوقت، وقيل: أي العلم المكتسب بالوحي.
وفي مصحف ابن مسعود من قبل هذا القرآن ويحتمل أن يكون حالًا من الهاء في {نُوحِيهَا} أو الكاف من {إِلَيْكَ} أي غير عالم أنت ولا قومك بها، وذكر القوم معه صلى الله عليه وسلم من باب الترقي كما تقول: هذا الأمر لا يعلمه زيد ولا أهل بلده لأنهم مع كثرتهم إذا لم يعلموا ذلك فكيف يعلمه واحد منهم، وقد علم أنه لم يخالط غيرهم.
{فاصبر} متفرع على الإيحاء أو على العلم المستفاد منه المدلول عليه بما تقدم {مّن قَبْلِ هذا} أي وإذ قد أوحيناها إليك أو علمتها بذلك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة وأذية قومك كما صبر نوح عليه السلام على ما سمعته من أنواع البلايا في هذه المدة المتطاولة، قيل: وهذا ناظر إلى ما سبق من قوله سبحانه: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ} [هود: 12] إلخ {إِنَّ العاقبة} بالظفر في الدنيا وبالفوز بالآخرة {لّلْمُتَّقِينَ} كما سمعت ذلك في نوح عليه السلام وقومه، قيل: وهو تعليل للأمر بالصبر وتسلية له صلى الله عليه وسلم، والمراد بالتقوى الدرجة الأولى منها، وجوز أن يراد بها الدرجة الثالثة وهي بذلك المعنى منطوية على الصبر فكأنه قيل: فاصبر فإن العاقبة للصابرين، وقيل: الآية فذلكة لما تقدم وبيان للحكمة في إيحاء ذلك من إرشاده صلى الله عليه وسلم وتهديد قومه المكذبين له والله تعالى أعلم.
ومن باب الإشارة في الآيات: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ} إلخ لما كان مقتضى الطباع البشرية عدم نشاط المتكلم إذا لم يجد محلًا قابلًا لكلامه وضيق صدره من ذلك هيج جل شأنه نشاط نبيه صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه من هذه الآية الكريمة، وقال سبحانه: {إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ} ولا يخلو الإنذار عن إحدى فائدتين: رفع الحجاب عمن وفق وإلزام الحجة لمن خذل {والله على كُلّ شَيْء وَكِيلٌ} [هود: 12] فكل الهداية إليه {مَن كَانَ يُرِيدُ} بعمله الذي هو بظاهره من أعمال الآخرة {قَالُواْ لَن} كالجاه والمدح {نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ} أي جزاءها فيها إن شئنا {وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} [هود: 15] أي لا ينقصون شيئًا منها {أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الاخرة إِلاَّ النار} لتعذب قلوبهم بالحجب الدنيوية {وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا} [هود: 16] من أعمال البر فلم ينتفعوا بها، وجاء «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» الحديث {أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ} أي يقين برهاني عقلي أو وجداني كشفي {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ} وهو القرآن المصدق لذلك، ومن هنا تؤيد الأدلة العقلية بالآيات النقلية القرآنية. ويحكم بكون الكشف صحيحًا إذا شهدت له ووافقته، ولذا قالوا: كل كشف خالف ما جاء عن الله تعالى ليس عتبر {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى} أي يتبع البرهان من قبل هذا الكتاب كتاب موسى عليه السلام في حالة كونه {إِمَامًا} يؤتم به في تحقيق المطالب {وَرَحْمَةً} [هود: 17] لمن يهتدي به، وهذا وجه في الآية ذكره بعضهم، وقد قدمنا ما فيها من الاحتمالات؛ وقد ذكروا أن المراد بيان بعدما بين مرتبتي من يريد الحياة الدنيا ومن هو على بينة من ربه.
وللصوفية قدست أسرارهم عبارات شتى في البينة فقال رويم: هي الإشراف عن القلوب والحكم على الغيوب، وقال سيد الطائفة: هي حقيقة يؤيدها ظاهر العلم، وقيل: غير ذلك، وعن أبي بكر بن طاهر أن من كان على بينة من ربه كانت جوارحه وقفًا على الطاعات والموافقات ولسانه مشغولًا بالذكر ونشر الآلاء والنعماء وقلبه منورًا بأنوار التوفيق وضياء التحقيق وسره وروحه مشاهدين للحق في جميع الأوقات وكان عالمًا بما يبدو من مكنون الغيوب ورؤيته يقين لا شك فيه وحكمه على الخلق كحكم الحق لا ينطق إلا بالحق ولا يرى إلا الحق لأنه مستغرق به فأنى يرى سواه.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} [هود: 18] إلخ جعله بعضهم إشارة إلى المثبتين لغيره سبحانه وجودًا وهم أهل الكثرة والحجاب، وفسر الإشهاد بالموحدين الذين لا يشهدون في الدار غيره سبحانه ديارًا.
ومن الناس من عكس الأمر وجعلها ردًا على أهل الوحدة القائلين: إن كل ما شاهدته بعينك أو تصورته بفكرك فهو الله سبحانه عنى كفر النصارى إيمان بالنسبة إليه وحاشا أهل الله تعالى من القول به على ما يشعر به ظاهره، ومنهم من جعلها مشيرة إلى حال من يزعم أنه ولي الله ويتزيا بزي السادات ويتكلم بكلماتهم وهو في الباطن أفسق من فرد وأجهل من حمار تومه {مَثَلُ الفريقين كالاعمى والاصم والبصير والسميع} قيل: {البصير} من عاين ما يراد به وما يجري له وعليه في جميع أوقاته {والسميع} من يسمع ما يخاطب به من تقريع وتأديب وحث وندب لا يغفل عن الخطاب في حال من الأحوال، وقيل: {البصير} الناظر إلى الأشياء بعين الحق فلا ينكر شيئًا ولا يتعجب من شيء {والسميع} من يسمع من الحق فيميز الإلهام من الوسواس، وقيل: {البصير} هو الذي يشهد أفعاله بعلم اليقين وصفاته بعين اليقين وذاته بحق اليقين فالغائبات له حضور والمستورات له كشف {والسميع} من يسمع من دواعي العلم شرعًا، ثم من خواطر التعريف قدرًا، ثم يكاشف بخطاب من الحق سرًا، وقيل: وقيل: {السميع} من لا يسمع إلا كلام حبيبه، و{البصير} من لا يشاهد إلا أنواره فهو في ضيائها ليلًا ونهارًا، وإلى هذا يشير قول قائلهم:
ليلي من وجهك شمس الضحى ** وإنما السدفة في الجو

الناس في الظلمة من ليلهم ** ونحن من وجهك في الضو

وفسر كل من الأعمى والأصم بضد ما فسر به {البصير والسميع} والمراد من قوله سبحانه: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} [هود: 24] أنهما لا يستويان لما بينهما من التقابل والتباعد إلى حيث لا تتراءى ناراهما، ثم إنه تعالى ذكر من قصة نوح عليه السلام مع قومه ما فيه إرشاد وتهديد وعظة ما عليها مزيد {فَقَالَ الملا الذين كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ} أي الأشراف المليؤون بأمور الدنيا الذي حجبوا بما هم فيه عن الحق {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا} لكونهم واقفين عند حد العقل المشوب بالوهم فلا يرون لأحد طورًا وراء ما بلغوا إليه ولم يشعروا قام النبوة ومعناها {وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرأى} وصفوهم بذلك لفقرهم حيث كانوا لا يعلمون إلا ظاهرًا من الحياة الدنيا ولم يعلموا أن الشرف بالكمال لا بالمال.
{وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} وتقدم يؤهلكم لما تدعونه {بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذبين}
[هود: 27] فلا نبوة لك ولا علم لهم {قَالَ يَاءادَمُ قَوْمٌ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّى} يجب عليكم الإذعان بها {قَالَ ياقوم} هداية خاصة كشفية متعالية عن درجة البرهان {مّنْ عِندِهِ} فوق طور عقولكم من العلوم اللدنية ومقام النبوة {فَعُمّيَتْ عَلَيْكُمْ} لاحتجابكم بالظاهر عن الباطن وبالخليقة عن الحقيقة {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} ونجبركم عليها {وَأَنتُمْ لَهَا كارهون} [هود: 28] لا تلتفتون إليها كأنه عليه السلام أراد أنه لا يكون إلزام ذلك مع الكراهة لكن إن شئتم تلقيه فزكوا أنفسكم واتركوا إنكاركم حتى يظهر عليكم أثر نور الإرادة فتقبلوا ذلك، وفيه إشارة إلى أن المنكر لا يمكن له الاستفاضة من أهل الله تعالى ولا يكاد ينتفع بهم ما دام منكرًا ومن لم يعتقد لم ينتفع {كارهون وياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا} أي ليس لي مطمح في شيء من أموالكم التي ظننتم أن الشرف بها {إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله} فهو يثيبني بما هو خير وأبقى {وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الذين ءامَنُواْ إِنَّهُمْ ملاقوا رَبّهِمْ} أي إنهم أهل الزلفى عنده تعالى وهم حمائم أبراج الملكوت وبزاة معارج الجبروت {ولكنى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29] تسفهون عليهم وتؤذونهم {تَجْهَلُونَ وياقوم مَن يَنصُرُنِى مِنَ الله إِن طَرَدتُّهُمْ} كما تريدون وهم بتلك المثابة {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} [هود: 30] لتعرفوا التماس طردهم ضلال، وفيه إشارة إلى أن الإعراض عن فقراء المؤمنين مؤد إلى سخط رب العالمين.
قال أبو عثمان: في الآية {مَا أَنَاْ} عرض عمن أقبل على الله تعالى، فإن من أقبل على الله تعالى بالحقيقة أقبل الله تعالى عليه، ومن أعرض عمن أقبل الله تعالى عليه فقد أعرض عن الله سبحانه: {وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ الله} إلخ أي أنا لا أدعي الفضل بكثرة المال ولا بالاطلاع على الغيب ولا بالملكية حتى تنكروا فضلي بفقدان ذلك ونافاة البشرية لما أنا عليه {وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ} تنظرون إليهم بعين الحقارة {لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا} كما تقولون أنتم إذ الخير عندي ما عند الله تعالى لا المال {الله أَعْلَمُ بما فِي أَنفُسِهِمْ} من الخير مني ومنكم وهو أعلم بقدرهم وخطرهم {إِنّى إِذًا} أي إذ نفيت {لَّمِنَ الظالمين} [هود: 31] مثلكم {واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} قيل: فيه إشارة إلى عين الجمع المشار إليه بخبر «لا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» الحديث.
وقيل: أي كن في أعين رعايتنا وحفظنا ولا تكن في رؤية عملك والاعتماد عليه، فإن من نظر إلى غيري احتجب به عني، وقال بعضهم: أي أسقط عن نفسك تدبيرك واصنع ما أنت صانع من أفعالك على مشاهدتنا دون مشاهدة نفسك أو أحد من خلقي، وقيل: أي اصنع الفلك ولا تعتمد عليه فإنك بأعيننا رعاية وكلاءة فإن اعتمدت على الفلك وكلت إليه وسقطت من أعيننا{وَلاَ تخاطبنى فِي الذين ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} [هود: 37] فيه إشارة إلى رقة قلبه عليه السلام بعد احتمال جفوتهم وأذيتهم، وهكذا شأن الصديقين، والكلام في باقي الآية ظاهر، ولا يخفى أنه يجب الإيمان بظاهرها والتصديق بوقوع الطوفان حسا قص الله سبحانه وإنكار ذلك كفر صريح، لكن ذكر بعض السادة أنه بعد الإيمان بذلك يمكن احتمال التأويل على أنه حظ الصوفي من الآية وذلك بأن يؤول الفلك بشريعة نوح التي نجا بها هو ومن آمن معه، والطوفان باستيلاء بحر الهيولى وإهلاك من لم يتجرد عنها تابعة نبي وتزكية نفس كما جاء في مخاطبات إدريس عليه السلام لنفسه ما معناه إن هذه الدنيا بحر مملوء ماءًا فإن اتخذت سفينة تركبها عند خراب البدن نجوت منها إلى عالمك وإلا غرقت فيها وهلكت، وعلى هذا يقال: معنى {وَيَصْنَعُ الفلك} يتخذ شريعة من ألواح الأعمال الصالحة ودسر العلوم تنتظم بها الأعمال وتحكم {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} كما هو المشاهد في أرباب الخلاعة الممطتين غارب الهوى يسخرون من المتشرعين المتقيدين بقيود الطاعة {قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا} بجهلكم {فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ} عند ظهور وخامة عاقبتكم {كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود: 38] {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} عند ذلك {مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} في الدنيا من حلول ما لا يلائم غرضه وشهوته {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} [هود: 39] في الآخرة من استيلاء نيران الحرمان وظهور هيئات الرذائل المظلمة {حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا} بإهلاك أمته {وَفَارَ النور} باستيلاء الأخلاط الفاسدة والرطوبات الفضلية على الحرارة الغريزية وقوة طبيعة ماء الهيولى على نار الروح الحيوانية، أو {أَمْرُنَا} بإهلاكهم المعنوي {وَفَارَ التنور} باستيلاء ماء هوى الطبيعة على القلب وإغراقه في بحر الهيولى الجسماني {قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ} أي من كل صنفين من نوع اثنين هما صورتاهما النوعية والصنفية الباقيتان عند فناء الأشخاص.
ومعنى حملهما فيها علمه ببقائهما مع بقاء الأرواح الإنسية فإن علمه جزء من السفينة المتركبة من العلم والعمل فمعلوميتهما محموليتهما وعالميته بهما حامليته إياهما فيها {وَأَهْلَكَ} ومن يتصل بك في سيرتك من أقاربك {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} أي الحكم بإهلاكه في الأزل لكفره {وَمَنْ ءامَنَ} [هود: 40] من أمتك {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} أي بسم الله تعالى الأعظم الذي هو وجود كل عارف كامل من أفراد نوع الإنسان إجراء أحكامها وترويجها في بحر العالم الجسماني وإثباتها وأحكامها كما ترى من إجراء كل شريعة وأحكامها بوجود الكامل ممن ينسب إليها {إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ} لهيآت نفوسكم البدنية المظلمة وذنوب ملابس الطبيعة المهلكة إياكم المغرقة في بحرها وذلك تابعة الشريعة{رَّحِيمٌ} [هود: 41] بإفاضة المواهب العلمية والكشفية والهيآت النورانية التي ينجيكم بها {وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِي مَوْجٍ} من بحر الطبيعة الجسمانية {كالجبال} الحاجبة للنظر المانعة من السير وهم لا يبالون بذلك محفوظون من أن يصيبهم شيء من ذلك الموج، وهذا الجريان يعرض للسالك في ابتداء أمره ولولا أنه محفوظ في لزوم سفينة الشرع لهلك.
ولعل في الآية على هذا تغليبًا {ونادى نُوحٌ ابنه} المحجوب بالعقل المشوب بالوهم {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} لذلك الحجاب عن الدين والشريعة {مَعْزِلٍ يابنى اركب مَّعَنَا} أي ادخل في ديننا {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} [هود: 42] المحجوبين الهالكين بأمواج هوى النفس المغرقين في بحر الطبع {قَالَ سَاوِى إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء} أي سألتجئ إلى الدماغ وأستعصم بالعقل المشرق هناك ليحفظني من استيلاء بحر الهيولى فلا أغرق فيه {قَالَ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} وهو الله الذي رحم أهل التوحيد وأفاض عليهم من شآبيب لطفه ما عرفوا به دينه الحق {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج} أي موج هوى النفس واستيلاء ماء بحر الطبيعة وحجب عن الحق {فَكَانَ مِنَ المغرقين} [هود: 43] في بحر الهيولى الجسمانية، وقيل: من جهة الحق على لسان الشرع لأرض الطبيعة {وَقِيلَ ياأرض ابلعى مَاءكِ} وقفي على حد الاعتدال، ولسماء العقل المحجوبة بالعادة والحس المشوبة بالوهم المغيمة بغيم الهوى {مَاءكِ وياسماء أَقْلِعِى} عن إمداد الأرض {وَغِيضَ الماء} أي ماء قوة الطبيعة الجسمانية ومدد الرطوبة الحاجبة لنور الحق المانعة للحياة الحقيقية {وَقُضِىَ الامر} بإنجاء من نجا وإهلاك من هلك {واستوت} أي سفينة شريعته {على} وهو جبل وجود نوح {الجودى وَقِيلَ بُعْدًا لّلْقَوْمِ الظالمين} [هود: 44] الذين عبدوا الهوى دون الحق ووضعوا الطبيعة مكان الشريعة {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ} [هود: 45] إلخ الكلام على هذا الطرز فيه ظاهر {قِيلَ يانوح نُوحٌ} من محل الجمع وذروة مقام الولاية والاستغراق في التوحيد إلى مقام التفصيل وتشريع النبوة بالرجوع إلى الخلق ومشاهدة الكثرة في عين الوحدة غير معطل للمراتب {اهبط بسلام مّنَّا} أي سلامة عن الاحتجاب بالكثرة {وبركات} من تقنين قوانين الشرع {عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ} ناشئة {مّمَّن مَّعَكَ} على دينك إلى آخر الزمان {وَأُمَمٌ} أي وينشأ ممن معك أمم {سَنُمَتّعُهُمْ} في الدنيا {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا} في العقبى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48] بإحراقهم بنار الآثار وتعذيبهم بالهيآت المظلمة.
هذا ثم ذكر أنه إذا شئت التطبيق على ما في الأنفس أولت نوحًا بروحك. والفلك بكمالك العلمي والعملي الذي به نجاتك عند طوفان بحر الهيولى. والتنور بتنور البدن. وفورانه استيلاء الرطوبة الغريبة والأخلاط الفاسدة، وما أشار إليه{مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين} [هود: 40] بجيوش القوى الحيوانية والطبيعية وطيور القوى الروحانية، وأولت ما جاء في القصة من البنين الثلاثة. والزوجة بحام القلب. وسام العقل النظري. ويافث العقل العملي. وزوجة النفس المطمئنة. والابن الآخر الوهم. والزوجة الأخرى الطبيعة الجسمانية التي يتولد منها الوهم. والجبل بالدماغ. واستواءها على الجودي وهبوطه ثل نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان انتهى، ومن نظر بعين الإنصاف لم يعول إلا على ظاهر القصة وكان له به غنى عن هذا التأويل، واكتفى بما أشار إليه من أن النسب إذا لم يحط بالصلاح كان غريقًا في بحر العدم.
فما ينفع الأصل من هاشم ** إذا كانت النفس من باهله

ومن أنه ينبغي للإنسان التحري بالدعاء وأن لا تشغله الشفقة عن ذلك إلى غير ما ذكر، والآية نص في كفر قوم نوح عليه السلام الذين أغرقهم الله تعالى، وفي نصوص الحكم للشيخ الأكبر قدس سره ما هو نص في إيمانهم ونجاتهم من العذاب يوم القيامة وذلك أمر لا نفهمه من كتاب ولا سنة {وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ} والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.